Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
11 novembre 2012 7 11 /11 /novembre /2012 12:27
<!-- /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:14.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:70.85pt 70.85pt 70.85pt 70.85pt; mso-header-margin:35.4pt; mso-footer-margin:35.4pt; mso-paper-source:0;} div.Section1 {page:Section1;} -->

شاطئ نعيم ،

صوت قطرات المطر تصطدم بزجاج النافذة ،وقفت وراءها تتأمّل تلك الإطلالة الجميلة لوحة تمازجت فيها الألوان و تداخلت ، جبل شامخ مرصّع بشجيرات وارفة الظلال و سهول ممتدة كستها حلّة خضراء.

تذكرت البحر و موجه كان يحب البحر يرسمه يعرف أسراره و يعرف كائناته ،سألها ماذا كان يصطاد في بحره ؟ ذكرت له ما استحضرت حينها من أنواع السمك ،استمع ، فهم ، صمت ، واصل مسيره في طريق السعادة

و سراط العذاب .كانت أبخرة الخوف تتزاحم في رأسها أين حزمُها ؟انكفأت على نفسها تلومها قائلة ما الذي أفعله معه في هذه السيارة ؟ لمعت شرارة استياء في عينيها فقد اكتشفت أنّها كانت تخفي وراء حزمها ضعفا ووراء عنادها تهالكا و استسلاما و ابتسمت ابتسامة تطفح سخرية و سألته أين سنذهب ؟ أجابها ستكتشفين المكان بعد حين واُستحال ظنّها إلى يقين و هي التي ما كانت تحسن الظنّ بأحد و لا تصدّق وعدا .كان مقتصدا في حديثه متهالكا في حركاته مصرا على أن لا يتعدّى تواصله معها حدود الجسد ، حاول مرارا مسك يدها و كانت في كلّ مرّة تصدّه و لكنّه لم ييأس فكأنّ ما يصرّ على فعله امتحان لرجولته ، تابع طريقه في هدوء مصطنع ، كان رجلا في عنفوان كهولته ،رجلا ناضجا ،ارتكزت عينا الفتاة على يديه الماسكتين بمقود السيارة ، يدان بيضاوان رقيقتان قويّتان و أصابع طويلة لا تخطئ هدفا ، كانت في كلّ مرة يمسك يدها تشعر بالدفء و بإحساس غريب يملأ صدرها و يجعل أناملها تزداد صلابة تحت وطأة يده ليجتاحها الانفعال فتتخلّص من قبضته ليرتسم شبح الانهزام على وجهه.

و يتركها منصرفا إلى الطريق ثمّ يلتفت إليها من جديد لتتملى عيناه صورة الفتاة ، إنّها تجلس بجانبه بسمرتها العذبة و شعرها المبعثر على كتفيها و صدرها و أنفها الدقيق الصغير ، شفتاها رقيقتان انفرجتا عن ابتسامة أشلّها الخوف من هذا الصياد الذي بدا منفعلا انفعالا أخفاه بنظرات بلهاء ساذجة لا تحمل معنى. كانت تلتفت إليه من حين لآخر لتسبر أغواره تتبع حركاته علّها تظفر بجواب عن تساؤلاتها ، حثّت العربة السير حتّى بلغا المكان المقصود خطر لها للحظة أن تفرّ، إنّه مكان قصيّ في شاطئ حلق الوادي مكان مشبع برطوبة مائيّة ذات ملوحة تشممتها خياشيمها و استطعمتها شفتاها ، مكان تعالى فيه هدير البحر ، و على رجع الصدى و حفيف أمواج البحر غادر السيارة و أدركت و هو ينهال بذراعه على

كتفيها ليعانقها أنّه كان مديد القامة كعمود من رخام نقيّ ، نظرت إلى وجهه المشرق بالفرح الغامر و قالت : " أنت فعلا أطول مني قامة " تجاهل قولها و أحكم قبضة ذراعه القويّ على عنقها فإذا النبضان في صدرها يشتدّ ، لقد كانت صخرة قبل لقائه فصارت بين يديه إسفنجة ، و أدركت أنّه لابد أن تشدّ الحبل لنفسها كي لا يجرّها خلفه إلى الهاوية ، رفعت يدها فتحرّك كُم قميصها و ظهرت ساعة في سوار من الجلد الأسود يضغط على معصمها حركتها باتّجاه يده لتزيل ذراعه اهتزّ كلّ جسده لتشعر بقوّته و متانته

و تحرّك الشيطان في رأسه و قال يريد أن يحطّم كبرياءها :" لا يجوز أن تفعلي هذا أمام أعين الناس " .ما يجوز عنده قد لا يجوز عندها ، و اقتربا من جدار جُعل ليسيّج به الشاطئ و قد تحوّل مع الوقت إلى شاهد على مغامرات أهل الصبابة و الهوى يقصدونه ليشبعوا نفوسهم ضما و تقبيلا جلس على الحائط

و في قلبه لهفة ، حاولت أن تجلس حذوه و لكنّ الجدار كان من الارتفاع بحيث عجزت عن اعتلائه استعانت بإحدى الصخور و صعدت لتتلقفها يدان قويّتان ضمتها إلى صدره لترتعش و تهيم في رعشتها كعود جنّ به الهواء فحاول أن يقتلعه و يفرّ به و سرت قشعريرة في كامل جسدها و انتفضت كأنّها أفعى متجمّدة بردا انتعشت بالحرارة ، لقد رفعها كما ترفع اللجة العالية القشّة أحكم قبضته على كامل جسدها ثمّ تحرّكت يده لتدبّ فوق قميصها الفضفاض باحثة عن هدف سرعان ما بلغه ، غابت عن واقعها و انسلخت عن الزمان و المكان ، شعرت بالضياع يتغلغل في أعماقها و ابتعدت عنه و رمقته بنظرة قويّة فاتّسعت في عينيه اللامعتين كقطعتين من الماس تلك النظرة التي يطمئن لها الناظر و يُخْدَعُ بها الغافل ، دَارَتْ ضعفها و خجلها بالصمت و رمت الأفق ببصرها الحالم في غبطة هادئة و عانقت عيناها صفحة المياه و دغدغ أذنها صوت الأمواج المتكسّرة على الشاطئ ، سألها و قد احتواها بمقلتيه أن تنظر في عينيه ، رفضت ، جلس بجانبها سألها عن أمر ذكرته له في إحدى رسائلها فأبت أن تجيب ، أوصدت في وجهه باب الكلام فلاذا بالصمت قانعين بالإنصات إلى هدير الأمواج و ضوضاء الصيادين على الشاطئ عندها فقط شعرت بأنّها ملكت زمام نفسها،  تململ في جلسته و قرّر أن يغادر المكان ليلتحقا بالسيارة و مرّة أخرى رفعت في وجهه لجّة الرفض العاتية فأجاب حانقا " ما على المرأة إلاّ الطاعة إنّني في هذا الأمر شرقي ّبامتياز .فعلا إنّه رجل شرقيّ خارج من علبة الظلام .

أين كانت نخوة الرجل الشرقيّ عندما فكرت في اصطحابها لتعيش لحظاتك الرومنسيّة ؟

شملته بنظرة خاطفة و أجابت :" و ما علاقة الطاعة بهذا ؟  إنّ الأمر مشاركة " أجاب بعقد و تصميم :" لا شراكة في هذا الأمر و للرجل مطلق القياد في مثل هذه الوضعيات " و هنا أطبقت عليهما غاشية من الصمت

و انهمك الرأسان في التفكير ليقرّر بعدها العودة إلى السيارة ، أذعنت للأمر، غادرت الجدار

و ضربت بالمشاركة عرض الحائط و رأته يسير في خطواته الفساح و ساقاه تتحرّكان كأنّهما مجدافان طويلان، فتح لها باب السيارة و أحسّت بأنّها ستطلّ على هذا المجهول المثير، مجهول طالما رغّبها فيه

 و قالت وهي تصعد السيارة محدثّة نفسها :" ليكن من الأمر ما يكون " تثنت على مقعدها في رقّة و خفر

مدّ يده ليحكم قبضته القويّة على يدها تخلّصت منه بخفّة الأمواج و عنفها ، التمعت في عينيه حيويّة و كأنّ صدّها ما زاده إلاّ تصميما على بلوغ مأربه و بملء يده الكبيرة مسك فخذها عقدت الدهشة لسانها

 لكنّها تداركت أمرها واقتلعت يده كما تقتلع العشبة الطفيليّة و خاطبته واهنة الصوت مختلجة النبرات .

أدركت أنّه قد عيل صبره، و تواصل الأمر صد ّو إقبال مدّ و جزريتعاقبان و كأنّها في قصّة التيه .

ناضلت طويلا و أخيرا جذبها إليه بقوّة محتضنا جسدها فشعرت أنّها كاللائذ بحمى حصين ، التصق الجسدان

و شعرت بكامل جسده يضطرب و أصبحت ضئيلة كأنّها خشبة تطفوعلى الماء و بيده اليسرى أثبت رأسها تحت ذقنه فكأنّه المسمار دُقَّ في الخشب ، لامس ذقنه شعرها شعرت بعميق أنفاسه تغمر عنقها و رأسها ، مدّ يده اليمنى واحتوى خصرها ليجسّ عطفها و تحوّلت الشرارة إلى حريق، و تضاءلت كما يتضاءل الهرّ في حضرة النمر و شعرت بأنّها تنزلق في حفرة لا قرار لها ، بل لعلها حلّقت و غدت سابحة بين النجوم ، لقد أرادها أن تملك كل ما عنده من عواطف أن تتصنّع الإغراء و لكنّها لم تفعل

و تصلّب جسمها و تصلّبت عضلات وجهها فتملصت من بين ذراعيه أحسّت بالاختناق يشلّ إرادتها

و أطلقت في سرّها وابلا من الشتائم ، و نقع العرق من جسمها و قالت تنفث في إرهاقه النفسيّ المزيد من الجراح :" دعني أرتاح قليلا " .و طالت راحتها و تواصل صمتها يعذّبه و يتسلّل إلى رأسه فيفتت أعصابه، مدّ يده إلى حقيبة يدها التي كانت تضعها على فخذيها و قال " دعني أرى ماذا تخفين لم أر شيئا لست في سيارة أجرة كي تتمسّكي بحقيبتك إلى هذا الحدّ ؟" رمى الحقيبة جانبا و تأمّلها بل جرّدها من كامل ثيابها و قال :" ساقاك جميلتان " ما أضعف الإنسان و أقواه ! حاجته إليها تضعفه و مقاومتها تقويه ، استكان إلى حيرته و لم يخرج من صمته ، حسبلت و حوقلت في سرّها و بعدها بدأ يُصفّر عابثا بعجلة القيادة يريد أن يقول لها :" إنّ للصبر نهاية لقد مللت صدّك  " .قطع التصفير و قال :" أريد قبلة "

فرفضت و قد تلبدت سُحُبُ الخوف على وجهها و سكتت كي لا تبيع هيبة السكوت بالرخيص من الكلام

و لم ييأس و قرّر أن يعلّل النفس بالأمل فقال :" أغمضي عينيك " فأجابت :" أعرف ما تنوي فعله " .

صمت و لم يخرج في معاملته لها عن حدّ الأدب و المجاملة و لكنّه سرعان ما خلع عنه ثوب اللين ليلبس ثوب القوّة ، تجهّم وجهه و حاصره غضب بشريّ – لقد أتت السمكة أكلت و لم تعلق – مدّ يده إلى مفتاح محرّك السيارة و قال :" لا فائدة من الأمر لقد أردت مساعدتك و تشجيعك و لكنّك أبيت لِنَعُدْ " .

لقد أرادها قطّة أليفة و لكن قدرها أن تظلّ نمرة شرسة طليقة ، لقد حاول أن يعدِلهَا عَلى قِبْلَتِهِ بمشاركته قُبْلَتَهُ

و لكنّه لم يُفْلِحْ ، تحرّكت السيارة في طريق العودة فعضّ الألم قلبها و عقل لسانها و لكن غمرها فيض من الارتياح و شعرت أنّها أرادته و لكنّها رفضت التسليم بلا قيد و هو أرادها و لكنّه يرفض القيد ،

إنّ قيدها شرف حقيقيّ و الشرف الحقيقيّ هو أنّ نحافظ على الشيء و نحن قادرون على تبديده تمام القدرة لقد آمنت بذلك إيمانا لا تزعزعه الأعاصيرُ .

فرّق بينهما صمت ثقيل فقد بدا زاهدا في الحديث معها ، كان صمته طعنة أليمة لكبريائها ، و زاغ بصرها بين زرقة السماء الصافية و لمعة أمواج البحر الخاطفة و تأمّلت الصيادين و مدّ يده إلى حقيبتها الجاثمة الجاثية في المقعد الخلفيّ تتابع نضالها و هزيمتها و سلّمها لها في حنق مكبوت قائلا :" هاذي حقيبتك " .

و رأت اليد التي كانت تمدّ إليها منذ حين فارغة لاشيء فيها يدّ محرك الدمى في مسرح العرائس خاوية .

خيّم الصمت شوطا من الزمن سألته بعدها عن عمله و عن أسباب سفره فردّ بابتسامة ساخرة " لقد تحدّثنا في هذا الامر " إنّها ابتسامة الذي يستشف النصر، ابتسامة الذي يسبر الأعماق و الأبعاد، انتحرت شجاعتها أمام رد ّفعله واهتزّ كل شيء في بدنها واغرورقت عيناها تأثّرا بالموقف و شعرت بدمعة كادت أن تتدحرج على خدّها لتحرقه ، كان يريد لها ان تسجد أن تتضرّع أن تنتحب انتقاما لكبريائه و لكنّها لم تفعل تماسكت ، لا صوت و لا صدى حرارة الجمر بين ضلوعها ، لقد كان رجلا و لقد منعها القانون الأخلاقيّ و الدينيّ أن تكون أنثى و ما القانون إلاّ عنف شرعيّ ، فلتخرق هذا القانون و لتتماسكْ فهي لا ترضى بالهزيمة و كان ما كان من أمر اعترافها له بأنّه كان رجلا مميّزا حرّك سواكنها و كان الشعور بالرضى ، نزلت من السيارة تنسمت الهواء ملء رئتيها و عادت إلى البيت ساهمة تجرّ جسما متثاقلا من الحزن ، استسلم جسدها لخيوط الماء المتدفقة التي انطلقت كالسهام تخترق عودها في يسر و تغمرها من قمّة رأسها حتّى أخمص قدميها ، شعرت بانتعاش و حيوية كبيرين تراخت أعصابها وانبعث صوتها العذب مترنّما في شيء من الفتور " يا غرامي كلّ شيءٍ ضاع منّي فنزعت الحبّ من قلبي و روحي " واختلط الماء بالغناء و عادت إلى حجرتها ، تمددت في فراشها، فركت جبهتها و أغمضت عينيها برهة لتستحضر ما وقع ، و بعدها نهضت لتكتب له رسالة لم تحرّك به ساكنا و بات التجافي بديلا عن تلاقيهما .        

Partager cet article
Repost0

commentaires